بسم الله الرحمن الرحيم
الكثير من العموم لم يسمع بالناسخ والمنسوخ واذا سمع بها فهو لا يعرف تفاصيل هذا العلم وتكمن اهميته لانه من خلاله تستنبط احكام فقهيه ومن خلاله يقوم العلماء بوضع ضوابط للمسلمين والتعرف على الدين وشرع الله ولاننا لم نعد نقرا ونتدبر ونبحث فقد استسلمنا لموروث ثقيل يصعب علينا تقبله مع انه يسير عند التدبر من خلال قراءه القران
علم الناسخ والمنسوخ حسب واضعيه
تعريف عام
النسخ في اللغة يأتي بمعنيين:
الإزالة: نقول، نسخت الشمس الظل بمعنى أزالته
النقل: نقل الشيء، يقول الله سبحانه وتعالى “إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون”، ونقول نسخت الكتاب أي نقلت محتوياته إلى كتاب آخر أو مكان آخر.
3-النسخ في الاصطلاح: رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه يدخل موضوع النسخ ضمن: العلوم الشرعية. ومن أهمها: علوم القرآن التي تهتم: بالآيات والأحاديث الناسخة والمنسوخة، وعلم: أصول الفقه الإسلامي، الذي يهتم بدراسة أحكام النسخ.
انواع النسخ العامه
نسخ القران بالقران : تعني ان ايه تنسخ ايه اخرى في الحكم والمعنى
مثال «يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس» – البقرة:219 فقد نسختها آية:«إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه» – المائدة:90.
نسخ حديث بقران : تعني نزول حكم في القران نسخ حكم حديث
«فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام» – البقرة:144 فقد كانت القبله باتجاه المسجد الاقصى ونسخ وجوب صيام يوم عاشوراء الثابت بالسنة، بصوم رمضان كما في القرآن:«فمن شهد منكم الشهر فليصمه» – البقرة:185.
نسخ قران بحديث : تعني ان ينسخ حديث حكم في القران مثال
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ سوره النور ٢٤ بنسخ الحكم (التبيان كما يزعمون) برجم الثيب
نسخ حديث بحديث: تعني ان ينسخ حديث حكم حديث اخر
منه نسخ جواز زواج المتعة، الذي كان جائزًا أولاً، ثم نُسخ فيما بعد؛ فعن إياس بن سلمة عن أبيه، قال:«رخص رسول الله عام أوطاس في المتعة ثم نهى عنها» – صحيح مسلم.
انواع النسخ في القران
نسخ حكم مع ابقاء التلاوه
يعني ان حكم الايه نسخ او الغي وبقيت تلاوته اي بقيت موجوده ككتابه فقط.
ومثاله قول القرآن: { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين } (الأنفال:66) فهذه الآية نسخت حكم الآية السابقة لها مع بقاء تلاوتها، وهي قول القرآن: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون} (الأنفال:65).
نسخ التلاوه مع بقاء الحكم: اي كتابه لم تعد موجوده ولكن حكمها باق
(الايه حذفت ولكن الحكم فيها باق ومعمول به): ومنه ما سبق في حديث عائشة: (ثم نسخن بخمس معلومات) فإن تحديد الرضاع المحرِّم بخمس رضعات، ثابت حكماً لا تلاوة
نسخ التلاوه مع الحكم : اي تلاوتها وكتابتها وحكمها الغي ونسخ
ومثاله حديث عائشة قالت:«كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحُرمن، ثم نُسخن بخمس معلومات» – صحيح مسلم وغيره
الروايات التي ذكرت سوراً أو آيات زُعِم أنّها كانت من القرآن وحُذِفت منه ، أو زعم البعض نسخ تلاوتها ، أو أكلها الداجن ، نذكر منها :
الأُولى : أنّ سورة الأحزاب تعدل سورة البقرة :
1 ـ روي عن عائشة : ” أنّ سورة الأحزاب كانت تقرأ في زمان النبي (ص) في مائتي أية ، فلم نقدر منها إلاّ على ماهو الآن ” ـ الاتقان 3 : 82 ، تفسير القرطبي 14 : 113 ، مناهل العرفان 1 : 273 ، الدرّ المنثور 6 : 56 ـ وفي لفظ الراغب : ” مائة آية ” ـ محاضرات الراغب 2 : 4 / 434 .
2 ـ وروي عن عمر وأبي بن كعب وعكرمة مولى ابن عباس : ” أنّ سورة الأحزاب كانت تقارب سورة البقرة ، أو هي أطول منها ، وفيها كانت آية الرجم ” ـ الاتقان 3 : 82 مسند أحمد 5 : 132 ، المستدرك 4 : 359 ، السنن الكبرى 8 : 211 ، تفسير القرطبي 14 : 113 ، الكشاف 3 : 518 ، مناهل العرفان 2 : 111 ، الدر المنثور 6 : 559 ـ .
3 ـ وعن حذيفة : ” قرأت سورة الأحزاب على النبي (ص) فنسيتُ منها سبعين آية ما وجدتها” ـ الدر المنثور 6 : 559 ـ .
الثانية : لو كان لابن آدم واديان …
روي عن أبي موسى الأشعري أنّه قال لقرّاء البصرة : ” كنّا نقرأ سورة نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأنسيتها ، غير أنّي حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال، لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ” ـ صحيح مسلم 2 : 726 / 1050 ـ .
الثالثة : سورتا الخلع والحفد .
روي أنّ سورتي الخلع والحفد كانتا في مصحف ابن عباس وأُبي بن كعب وابن مسعود ، وأنّ عمر بن الخطاب قنت بهما في الصلاة ، وأنّ أبا موسى الأشعري كان يقرأهما .. وهما :
1 ـ ” اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك” .
2 ـ ” اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك، إنّ عذابك بالكافرين ملحق” ـ مناهل العرفان 1: 257، روح المعاني 1: 25.
الرابعة : آية الرجم
روي بطرق متعدّدة أنّ عمر بن الخطاب ، قال : ” إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم .. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم . فإنّا قد قرأناها ” ـ المستدرك 4 : 359 و 360 ، مسند أحمد 1 : 23 و 29 و 36 و 40 و 50 ، طبقات ابن سعد 3 : 334 ، سنن الدارمي 2 : 179 ـ .
وأخرج ابن أشته في (المصاحف) عن الليث بن سعد ، قال : “إنّ عمر أتى إلى زيد بآية الرجم ، فلم يكتبها زيد لأنّه كان وحده ” ـ الاتقان 3 : 206 ـ .
الخامسة : آية الجهاد :
روي أنّ عمر قال لعبد الرحمن بن عوف : ” ألم تجد فيما أُنزل علينا : أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة ، فأنا لا أجدها ؟ قال : أُسقطت فيما أسقط من القرآن ” ـ الاتقان 3 : 84 ، كنز العمال 2 : حديث / 4741 ـ .
السادسة : آية الرضاع
روي عن عائشة أنّها قالت : كان فيما أُنزل من القرآن : ” عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله (ص) وهنّ ممّا يقرأ من القرآن ” ـ صحيح مسلم 2 : 1075 / 1452 ، سنن الترمذي 3 : 456 ، المصنف للصنعاني 7 : 467 و 470 ـ .
السابعة : آية رضاع الكبير عشراً
روي عن عائشة أنَّها قالت : ” نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً ، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها” ـ مسند أحمد 6 : 269 ، المحلّى 11 : 235 ، سنن ابن ماجة 1 : 625 ، الجامع لأحكام القرآن 113:14
الثامنة : آية الصلاة على الذين يصلون في الصفوف الأُولى
عن حميدة بنت أبي يونس ، قالت: ” قرأ عليّ أبي ، وهو ابن ثمانين سنة ، في مصحف عائشة: إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الأُولى ” . قالت : ” قبل أن يغيّر عثمان المصاحف ” ـ الاتقان 82:3 ـ .
التاسعة : عدد حروف القرآن
أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب ، قال : ” القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف ” ـ الاتقان 1 : 242 ـ . بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار
الاسئله هنا : هل يجوز ان تنسخ ايه حكم ايه اخرى ومن سيوضح لنا ماهي تلك الايات المنسوخه ، هل يجوز ان يكون بعض كلام الله بين دفتي القران فيه ايات هو للتلاوه فقط وليس للتدبر ومنتهى من حيث المعنى هل يجوز القول انه يوجد كلام لله انزله ثم تراجع عنه فسحبه حكما وتلاوه وهل يصح القول ان احاديث احاد تعلو على القران في المعنى والحكم وهل يجوز القول انه توجد ايات لم ينسخها الله ولكنها ليست موجده لدينا الان مثل ايه الرضاع والرجم. و….؟
من الأوائل الذين اشتهروا بالخوض فى علم الناسخ والمنسوخ والكتابة فيه : مجاهد المتوفى سنة 103 هـ ، وعكرمة المتوفى سنة 107 هـ ، وقتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة 117 هـ وله كتاب « الناسخ المنسوخ فى كتاب الله تعالى » ، وابن أبى عروبة المتوفى سنة 133 هـ ، والزهري المتوفى سنة 124 هـ وله كتاب « الناسخ والمنسوخ » وعطاء بن مسلم الخراساني المتوفى سنة 135 هـ والثابت ان الذين قالوا في علم الناسخ والمنسوخ لم يجتمعوا براي واحد في قضايا الناسخ والمنسوخ بمعنى ماهي الايات التي تخضع لعلم الناسخ والمنسوخ فقد سطّرها ابن الجوزي بكتابه نواسخ القرءان وهى:ـ
*عند ابن حزم الأنصاري 214 قضية.
*وعند أبي جعفر النحاس 134 قضية.
*وعند ابن سلامة213 قضية.
*وعند مكي بن أبي طالب 200 قضية.
*وعند عبد القاهر البغدادي 66 قضية فقط.
*وعند بن بركات 210 قضية.
*وهى عند ابن الجو زي 247 قضية في 62 سورة.
(المرجع نواسخ القرءان للعلامة ابن الجو زي ص 515 الصادر عن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة).
فاي راي واي المعاني واحكام سنتبع ، هل المذهب او اتباع امام او القناعة الشخصية , والخطوره هنا بفهم كتاب الله وتشريعه فهل
النسخ في ٦٦ قضية ام في ٢٤٧ ؟
وماذا كان حال المسلمين قبل من كتب في الناسخ والمنسوخ وكيف تدبروا القران ؟؟
ساعرض مثال واحد للتخفيف على القارىء احد الامثله على النسخ ومن خلالها يمكن الاستدلال على بقيه الامثله بنفس المنهجيه
قال تعالى : ولا تقربوا الصلاه وانت سكارى حتى تعلموا ما تقولون سوره النساء ٤٣
نسختها ايه : يَـَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة 90).
قال المؤيدون للنسخ ان لم يتم تحريم الخمر في تلك الفتره من الاسلام ونزلت الاحكام بالتدرج ونسخت السماح بشرب الخمر بحكم الاجتناب .
الرد على نظريه النسخ هنا:
كلمة (سكر) و(سكارى) لم تأت فى القرآن عن الخمر، إذ جاءت بمعنى الغفلة عند المشرك فى قوله تعالى ﴿لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (الحجر 72). وجاءت بمعنى المفاجأة عند قيام الساعة ﴿وَتَرَى النّاسَ سُكَارَىَ وَمَا هُم بِسُكَارَىَ﴾ (الحج 2). وجاءت بمعنى الغيبوبة عند الموت فى ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ﴾ (ق 19). وجاءت بمعنى الغفلة وعدم الخشوع وغلبة الكسل والانشغال عن الصلاة عند أداء الصلاة فى قوله تعالى ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىَ﴾ وإذا قام الإنسان للصلاة وعقله غائب وقلبه مشغول بأمور الدنيا فهو فى حالة غفلة ولن يفقه شيئاً مما يقول فى صلاته، لذا تقول الآية ﴿لاَ تَقْرَبُواْ الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىَ حَتّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ﴾.
في تفسير امهات التفسير عند اهل السنه في تفسير الطبري “وقال آخرون: معنى ذلك: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارَى من النوم. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك: { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ } قال: سكر النوم
قضية التدرج فى التشريع
والقائلون بالنسخ بمعنى الإلغاء والحذف يستدلون بالتدرج فى التشريع على أنه يأتى تشريع جديد يلغى التشريع القديم أو على حد قولهم ينسخه..والتدرج فى التشريع له فى القرآن مظهران، أحدهما يخص العلاقات المتغيرة بين المسلمين وأعدائهم والآخر يختص بالإيجاز فى التشريع الذى يعقبه التفصيل.. وهذا وذاك لا ينتج عنه إلغاء للأحكام أو على حد قولهم او النسخ.
التدرج فى التشريع بمعنى الايجاز والتفصيل
التدرج فى التشريع يتمثل فى الإيجاز ثم التفصيل، فقد نزل التشريع فى مكة يتحدث عن عموميات لأن التركيز فى الوحى المكى كان على العقيدة وتطهيرها من الشرك.. ومن الطبيعى أن التفضيلات الآتية لا يمكن أن تكون متناقضة مع الأسس الإجمالية التى نزلت من قبل.
، فتحريم الخمر جاء على سبيل الإيجاز والإجمال فى الوحى المكى فى قوله تعالى ﴿قُلْ إِنّمَا حَرّمَ رَبّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقّ﴾ (الأعراف 33).فالخمر من ضمن الإثم المحرم. وجاء تحريمه على سبيل الإجمال فى مكة ضمن عموميات التشريع المكى، ثم جاءت التفصيلات فى المدينة حين سئل النبى عليه السلام عن حكم الخمر فنزل قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نّفْعِهِمَا﴾ (البقرة 219).
وطالما كان فى الخمر إثم كبير فهى محرمة فى مكة قبل المدينة، لأن الإثم القليل حرام فكيف بالإثم الكبير؟!! ثم يأتى تفصيل آخر يؤكد تحريم الخمر وذلك بالأمر باجتنابها ﴿يَـَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة 90).
التدرج فى التشريع فى العلاقات المتغيرة
إن العلاقة بين المسلمين وأعدائهم تتذبذب بين الضعف والقوة، والقرآن يضع التشريع المناسب لكل حالة.. فإذا كان المسلمون أقلية مستضعفة مضطهدة فليس مطلوباً منهم أن يقاتلوا وإلا كان ذلك انتحاراً.وإذا كان المسلمون قوة فلا يجوز فى حقهم تحمل الاضطهاد والأذى، بل عليهم أن يردوا العدوان بمثله، وإذا كان المشركون يقاتلونهم كافة فعليهم أن يردوا العدوان بمثله . وعلى المسلمين فى كل حالة أن ينفذوا التشريع الملائم لهم، وذلك لا يعنى بالطبع إلغاء التشريع الذى لا يتفق مع حالهم، فذلك التشريع فى محله تطبقه جماعة مسلمة أخرى إذا كانت فى الوضع المناسب لذلك التشريع.
ان تشريع القرآن فيما يخص العلاقات بين المسلمين وأعدائهم فى أروع ما يكون التشريع، إذ أن له ركائز ثابتة تتمثل فى المبادئ الأخلاقية الدائمة من حسن الخلق والتسامح والصبر على الأذى والاعراض عن الجاهلين ورد السيئة بالتى هى أحسن ورعاية الجواروحفظ حق الجار والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يقولوا للناس حسنا . ثم له قوانين متغيرة حسب الأحوال ، فالمسلمون فى ضعفهم لا يجب عليهم القتال لدفع الاضطهاد، وإنما عليهم الصبروالتحمل والهجرة اذا أمكن . أما إذا كانت لهم دولة فدولتهم الاسلامية تقوم أساسا على قيم الاسلام الكبرى من السلام والحرية المطلقة للعقيدة وتحريم الاكراه فى الدين وتطبيق العدل الصارم والمساواة بين الناس جميعا والديمقراطية المباشرة وهى التوصيف الحقيقى للشورى الاسلامية ، ورعاية حقوق العباد أو حقوق الانسان. دولة بهذه المواصفات لا يمكن أن تعتدى على دولة أخرى بل تلجأ للحرب الدفاعية اذا هوجمت فقط اذا لم يكن هناك من سبيل آخرلتفادى الحرب لأن الحرب فى تشريع القرآن هى مجرد استثناء . وحتى اعداد القوة القصوى ( الانفال60) ليس للاعتداء وانما للردع وتخويف القوة الباغية من الهجوم على الدولة المسلمة المسالمة. وبهذا الاستعداد الحربى يمكن اقرار السلام ومنع الحرب وحقن دماء العدو المتحفز للحرب والذى يغريه ضعف الآخر.هذا اذا كانوا فى دولة اسلامية عليها أن تتقوى لارساء السلم ولتكون قادرة على الدفاع ، ومحرم عليهم الاعتداء على الغير أو رد الاعتداء بأكثر منه. وطبيعى أنه لا يوجد دولة مستضعفة للأبد كما لا توجد قوة مسيطرة إلى مالا نهاية، وبذلك تظل تشريعات القرآن سارية فوق الزمان والمكان بجوانبها الأساسية الثابتة والقانونية المتغيرة.
جدير بالذكر ان النبى محمد عليه السلام حين كان مع المسلمين فىمكة يعانى معهم اضطهاد المشركين المعتدين نفذ ومعه المسلمون الأوائل كل التشريعات المناسبة للوضع القائم من الصبر على الأذى والتسامح مع المعتدين مع الثبات على الحق والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة . ثم بالهجرة وبتكوين أول وآخردولة اسلامية حقيقية قام النبى بتطبيق كل التشريعات القرآنية السالفة الذكر.
الدليل في وجود النسخ في القران الكريم عند مؤيدينها في الايه الكريمه التاليه:
( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) -البقرة ( 106 )
قال تعالى :” يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب “. الرعد 39
قال تعالى : ” وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون “.النحل 101
الرد عند منكري النسخ في القران الكريم:
إذا نحن رجعنا إلى القرآن الكريم فإننا سنجد أن لفظ “آية”، في جميع الصيغ التي ورد فيها (آية، آيات، آياتي، آياتنا) ينصرف معناه إلى العلامة (أو المعجزة التي تثبت وجود الله وقدرته الخ). من ذلك قوله تعالى: “وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً (انشقاق القمر) يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ” (القمر 2)، وقوله: “وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا (سفينة نوح) آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (37 القمر15). وقوله : “قَالَ (فرعون) إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ (العصا) فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (الأعراف 106). وقوله : “وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ (على محمد) آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ” (معجزة- يونس 20). وتتكرر عبارة “تِلْكَ آيَـاٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ” وما في معناها، للإشارة إلى “ما يُحتاج إِليه من الدليل على التوحيد والنبوّة والبعث وغيرها” مثل قوله تعالى: “وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً” (الإسراء 12) الخ. وعلى هذا فلا معنى للقول بالنسخ في القرآن إلا بمعنى أن الله ينسخ معجزة نبي سابق بمعجزة أخرى لنبي لاحق، دليلا على صحة وصدق نبوة كل منهما، أو ينسخ ظاهرة طبيعية مثل الليل بظاهرة طبيعية أخرى مثل النهار الخ، دليلا على قدرته. والنسخ بهذا المعنى هو إحلال شيء مكان آخر. وليس في القرآن قط ذكر لما اصطلح على تسميته “آية” بمعنى “قطعة من القرآن”، وذلك على خلاف لفظ “السورة”، الذي ورد في القرآن مفردا “قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ” (يونس 38) وجمعا “قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ” (هود 3). أما لفظ “آية” الذي تكرر فيه كثيرا بمعنى العلامة والحجة والمعجزة الخ، فلم يرد قط بالمعنى الاصطلاحي (آية من القرآن)، لا مفردا ولا جمعا
ام في قوله تعالى (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) [الرعد : 39]التفسير الشائع: أن الله يمحو آيات قرآنية ويثبت آيات أخرى لا يمحوها، أو يمحو آيات ويثبت بدلا منها آيات أخرى لا يمحوها.جمال الدين القاسمي يقول في تفسير الآية: “كانوا يقترحون على رسول الله في أوائل البعثة أن يأتي بآية كآية موسى وعيسى، توهما أنها أقصى ما يدل على نبوة النبي في كل زمان ومكان، فأعلمهم الله أن تلك الآيات الحسية قد انقضى دورها وذهب عصرها، وقد استعد البشر للتنبه للآيات العقلية، وهي آية الاعتبار والتبصر، وأن تلك الآيات مُحيت كما مُحِيَ عصرها، وقد أثبت الله تعالى غيرها مما هو أجلى وأوضح وأدل على الدعوة، وهو قوله تعالى قبلها: (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)د. مصطفى زيد: “وهنا نستطيع أن نقرر في شيء من الطمأنينة ما سبق أن قررناه، وهو أن مجال المحو الإثبات في آيتنا هو الشرائع والمعجزات، لا الأحكام في الشريعة الواحدة، فقد عالجت الآيات قبلها وبعدها إنزال القرآن وإرسال الرسل وتأييدهم بالمعجزات حسب مشيئة الله وبإذنه”.أما الإمام بشير الدين محمود فقد فسر المحو هنا بمحو الوعيد والعذاب. حيث قال في تفسيره: “إن الله تعالى لا يعذب قوما قبل حلول الوقت المناسب فحسب، بل قد يلغي العذاب لحكمة وإن حل موعده، إذ بين الله سبحانه نوعين من سنته في العذاب:- (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ) أي أن من أنباء العذاب ما يمحوه الله نهائيا، ” وَيُثْبِتُ” أي أنه يبقي الوعيد كما هو، ولكنه لا يعذب قوما من دون ذنب، كما لا يزيد على ما استوجبوه، وإن كان من الممكن أن يعذبهم بأقل مما استوجبوه”.وهذا الذي ذهب إليه المفسر يؤيده السياق حيث أن الآية السابقة: (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)، فالله تعالى لا يفوض أمر العقاب إلى الأنبياء، فهم لا يعرفون الغيب، بل ليس على الرسل إلا البلاغ، أما العذاب الواقع على تكذيب الرسل فلا يأتي إلا بإذن الله، الذي يأتي بالعقاب المناسب في الوقت المناسب”.
الاشكاليتين التي بررت وجود علم الناسخ والمنسوخ برايي:
الاولى تفسير الايات وتدبرها وفهمها من زاويه ضيقه او زاويه واحده ادت لخلط التفاسير ومحاوله ايجاد تبرير وتعليل لذلك التفسير والسبب هو عدم فهم الايه وليس في الايه نفسها والثانيه وجود احاديث منسوبة عن الرسول باحكام ليست موجوده بالقرآن واحكام خالف احكام القران نفسه ولذلك وجب تبرير تلك الاحاديث وتركيبها كشرع مكمل .
وقد وصل بهم من التبرير لحد القول ان ( الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب و السنة قاضية على القرآن، وليس القرآن بقاض على السنة)
فقد وردت مثل هذه العبارة عن بعض أهل العلم، روى الدارمي في سننه عن يحيى بن أبي كثير أنه قال: السنة قاضية على القرآن، وليس القرآن بقاض على السنة. ومرادهم بهذه العبارة أن السنة تبين القرآن وتفسره، قال الزركشي في كتابه البحر المحيط: (مسألة [حاجة الكتاب إلى السنة] قال الأوزاعي: الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب. قال أبو عمر: يريد أنها تقضي عليه، وتبين المراد منه، وقال يحيى بن أبي كثير: السنة قاضية على الكتاب. وقال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن الحديث الذي روي: أن السنة قاضية على الكتاب. فقال: ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكن أقول: إن السنة تفسر الكتاب وتبينه. انتهى. ويمكنك أن تراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 36822، والفتوى رقم: 38785.
القران نفسه يبين ويحل الاشكاليه في الناسخ والمنسوخ:
قال تعالى: “كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود : 1]
– قال الزمخشري: ” أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ” أي نظمت نظما رصينا محكما لا يقع فيه نقض ولا خلل، كالبناء المحكم”
– قال سيد قطب مفسرا الآية: ” أحكمت آياته , فجاءت قوية البناء , دقيقة الدلالة , كل كلمة فيها وكل عبارة مقصودة , وكل معنى فيها وكل توجيه مطلوب , وكل إيماءة وكل إشارة ذات هدف معلوم . متناسقة لا اختلاف بينها ولا تضارب , ومنسقة ذات نظام واحد”
والقول بوجود آيات محكمة وأخرى منسوخة يعني أن هذا القرآن أحكم بعض آياته وليس كلها، وهذا تكذيب للقرآن الكريم.
قال تعالى: ” لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت : 42]
– استدل الفخر الرازي بهذه الآية على عدم وجود النسخ، فقال: “وأعلم أن لأبي مسلم الأصفهاني أن يحتج بهذه الآية على أنه لم يوجد نسخ في القرآن، لأن النسخ إبطال، فلو دخل النسخ فيه لكان قد أتاه الباطل من خلفه، وإنه على خلاف هذه الآية”.
– قال النسفي في تفسير الآية: “لا يأتيه الباطل أي التبديل أو التناقض، ” مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ” أي بوجه من الوجوه”.
قال تعالى: ” أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً [النساء : 82]
قال تعالى: ” وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً [الكهف : 27]
قال تعالى: ” ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ [البقرة : 2]
قال تعالى: ” اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ” [الأعراف : 3] ، وهذه الآية تدل على وجوب اتباع كل ما أنزله الله تعالى.
والحمد الله رب العالمين مالك الملك رب العرش العظيم